محكومات بالمؤبد.. اغتصاب من طرف الأخ ودعارة وجريمة وحشية – خديجة: ملي قتلو صاحبي جبدت الموس مضيتو فالطروطوار -فيديو
كوثر زكي
تختفي وراء جدران سجن تولال بمكناس، قصص وحكايات لنساء غدر بهن الزمن، لتجدن أنفسهن على حين غرة وسط زنزانة باردة ومظلمة، منهن من كانت ضحية اغتصاب واعتداء وحشي، ومنهن من عانت من فقدان العطف والحنان في طفولتها، ليتحولن إلى نساء قاتلات.
قساوة ظروفهن الاجتماعية جردتهن من حنان الأم، ورقة الزوجة والحبيبة، ليتحولن بين ليلة وضحاها إلى نساء مجرمات، تلطخت أيديهن بالدماء، فمنهن من قتلت واختطفت وشوهت جثة الضحية دون رحمة أو شفقة.
الأخ الأول المجرمين
خديجة، 45 سنة، والمحكوم عليها بالمؤبد هي واحدة من هؤلاء النسوة. ضحية اغتصاب وحشي، ومجتمع قاسي لا يرحم، لم تستطع رغم مرور السنين تضميد جراحها أو نسيان ما وقع لها في تلك الليلة المشؤومة.
حاولت خديجة في البداية إخفاء واقعة الاغتصاب التي تعرضت لها من طرف شقيقها، لكنها سرعان ما انفجرت بالبكاء، وبدأت تنظر إلينا بنظرات غريبة، وكأنها تسائل نفسها، هل تروي الحكاية، وتتخلص من عبء الماضي، أم تلتزم الصمت وتخفي ما تعرضت له من طرف شقيقها الذي افتض بكارتها في ليلة باردة، داخل غرفة نومها.
بعد صمت رهيب، قررت خديجة أن تروي لنا الحكاية بكل تفاصيلها، وتتذكر آلام تلك الليلة التي بعثرت جميع أوراقها، وغيرت مسار حياتها، فهي لم تكن تعتقد أنه في يوم من الأيام سيقوم شقيقها الأكبر باغتصابها بوحشية، ويتركها ترتجف من الخوف داخل غرفتها.
كانت ليلة سوداء، لم يغمض لها جفن من شدة الخوف، اختلطت أفكارها، لدرجة أن الحياة انتهت بالنسبة لها، فقررت الهروب وكتمان الأمر عن عائلتها.
خرجت تحت جنح الظلام في تلك الليلة المشؤومة، تحمل حقيبة يدوية وضعت فيها بعضا من ملابسها البالية، وقصدت بيت شقيقتها بمدينة مراكش، لعلها تجد حضن يحميها هناك، لكن للأسف الشديد كانت وجهتها خاطئة هذه المرة.
أخت تجرها للدعارة
وصلت خديجة لمنزل شقيقتها بعد يوم شاق، أكلت ونامت دون أن تحكي لشقيقتها ما وقع لها، كانت متعبة، لدرجة وضعت رأسها على السرير ونامت كطفلة صغيرة.
في اليوم الموالي جلست مع شقيقتها على طاولة الفطور، وحكت لها عن الواقعة، وطلبت منها أن تستضيفها داخل منزلها لبضعة أيام، فقبلت شقيقتها بالأمر شريطة أن تشتغل معها.
لم تكن تعتقد خديجة أن شقيقتها ستستغل وضعها، وتطلب منها أن تمارس “الدعارة” مع مجموعة من العاهرات اللواتي يشتغلن عندها، من أجل جلب المال والهدايا.
سهرات ماجنة، جنس ومخدرات بكل أصنافها، أمور قلبت حياة خديجة رأسا على عقب، ومع مرور الأيام، وجدت نفسها تتأقلم مع الوضع، لدرجة أنها لم تترك مدينة في الجنوب أو الشمال إلا وذهبت إليها، من أجل الحصول على المال.
اعتادت أن تخرج مع الفتيات للسهر إما بالحانات الليلية أو الشقق المفروشة رفقة مغاربة وخليجيين، حتى أنجبت طفلين خارج نطاق الزواج، لا تعرف أبويهما، بكثرة العلاقات الجنسية التي كانت تقوم بها.
علاقات متشعبة
حينما بلغت خديجة 30 سنة، قررت الزواج من شخص ربطتها به علاقة حب، لكن والدته رفضتها، لكونها معروفة بالمنطقة بسيرتها السيئة، ليقررا معا العيش وسط إحدى الغابات المتواجدة نواحي مدينة الرباط.
خديجة تحدت الجميع وعاشت رفقة عشيقها وسط الغابة، حاولت تكوين أسرة والابتعاد عن الفساد والمخدرات، لكن للأسف الشديد وقع ما لا يحمد عقباه، بحيث تم القبض على عشيقها بتهمة السرقة، لم تستطع مواصلة الحديث، لزمت الصمت لبضع دقائق تم استطردت قائلة بصوت مخنوق “كلشي وقف”.
اعتقدت خديجة أن الحياة ستتوقف، بدخول عشيقها السجن، لكن سرعان ما دخلت في علاقة حب آخرى، وعاشت مع عشيقها الثاني قصة حب جديدة، لدرجة عاشت معه في نفس الغرفة التي يكتريها لشهور، غير أبهة بكلام الناس، فكلمة “عيب” لا توجد في قاموسها اللغوي.
عاشت حياتها مع عشيقها الثاني الملقب بـ “البزناز”، وذات يوم التقت بأحد أشقائها، وطلب منها العودة إلى حضن الأسرة، وبعد الأخذ والرد، قررت العودة وطلب المسامحة من والديها.
حملت خديجة أبناءها وذهبت إلى بيت والديها، معتقدة أن والدها سيسامحها ويعفو عنها، بمجرد أن وطأت قدماها المنزل بدأ والدها يصرخ وانهال عليها بالضرب، مرددا “نت مسخوطة”، لم تستطع أن تستوعب ما يجري حولها، دخلت إحدى الغرف وانهارت بالبكاء، لا سيما حينما رأت شقيقها الذي اغتصبها يجول داخل المنزل.
رغم مرور السنين، لم تستطع خديجة أن تنسى ما جرى لها في تلك الليلة المشؤومة، ظلت الآلام تعتصر قلبها، لدرجة أنها لم تستطع رؤية عيني شقيقها، فقررت الخروج مرة أخرى من المنزل.
جريمة عن غير وعي
عادت أعقابها إلى مدينة القنيطرة، وقصدت الغرفة التي يكتريها “البزناز”، وقضت ليلة ماجنة معه، وفي اليوم الموالي وهي تتجول بالسوق، التقت صدفة عشقيها الذي كان مسجونا، ارتجفت من شدة الخوف، سألته عن أحواله، معتقدة أن الأمور ستقف عند هذا الحد، لكنه طلب منها أن تحمل حقيبتها وتأتي إلى شقته من أجل العيش معه.
لم تجد خديجة أمامها من خيار سوى أن ترفض الأمر، لأنها على علاقة بشخص آخر، فهددها بالقتل، وقام باصطحابها بالقوة إلى شقته، وحينما أدخلها انهال عليها بالضرب، لأنها خانته، ولم تصن كرامته حينما كان في السجن.
قضت ليلة في حضن، وفي الصباح الباكر هربت من الشقة، وقصدت عشيقها البزناز، وحكت له عن الواقعة، وهي تبكي، لم يتحمل عشيقها الأمر، حمل سكينا من الحجم الكبير وخرج مسرعا في اتجاه منزل الشخص الذي اعتدى عليها، وطلب منها أن تصعد إليه وتجلب حقيبتها، وفي حالة أمسك بها، يجب عليها أن تصرخ بأعلى صوتها.
بمجرد أن دخلت خديجة الشقة، حتى أمسك بها وقام بجرها من شعرها، فبدأت تصرخ، صعد عشيقها السلم، وقام بطعن الرجل على مستوى القلب، وخرج كما أنه لم يفعل أي شيء، حملت خديجة السكين بيديها الملطختين بالدماء، وخرجت هي الأخرى من المنزل.
نزلت من السلم، وهي ترجف وجلست بباب العمارة، قائلة “بديت تنمضي في جنوية في ططوار”، لم تستوعب في تلك اللحظة ما قامت به، وبعدها قصدت الغرفة التي تكتريها، من أجل تنظيف ملابسها من آثار الدم.
وهي تغير ملابسها، رنّ هاتفها النقال، أمسكت خديجة الهاتف بين يديها، ولمحت اسم شقيقتها، أجابتها لتخبرها بأن عشيقها الأول وجد مقتولا داخل شقته، ورجال الأمن يبحثون عنها في كل مكان، وانقطع الخط.
خرجت خديجة مسرعة من المنزل، وركبت في سيارة أجرة صغيرة، وطلبت من السائق أن يصطحبها إلى مخفر الشرطة، وفي طريقه أن يمر بالقرب من منزل عشيقها، قائلة “كنت باغا نتأكد واش ناس مجموعين حدا دار”.
مؤبد يوقف الحياة
دخلت خديجة إلى مخفر الشرطة، كان الكل منشغلا في عمله، ففاجأتهم وهي تصرخ هل عشيقها فلان مات، فما كان على رجال الشرطة سوى الامساك بها، أقعدوها في كرسي، وسألها أحدهم هل أنت من قتله، فأجابت بكل ثقة في النفس “أنا لقتلتو وشديت الجنوية”.
لم تستوعب خديجة أنذاك الجريمة التي ارتكبتها في حق عشيقها، فهي كانت في غير وعيها، لكن حينما تم النطق بالحكم وسمعت السجن بالمؤبد، عرفت الجرم الذي ارتكبته، لكن بعد فوات الأوان.
صورة وصوت الضحية، لم يفارقها لحد الساعة، فهي تعيش مع الماضي، ولم تستطع التغلب على تلك الوقائع، التي غيرت مجرى حياتها، وشردت أبناءها.